THE FRIENDS ISLANDS
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

THE FRIENDS ISLANDS

DIFFERENT
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 جبال من الجليد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mohamed1980244
active friend
active friend
mohamed1980244


عدد الرسائل : 161
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 12/05/2007

جبال من الجليد Empty
مُساهمةموضوع: جبال من الجليد   جبال من الجليد Icon_minitimeالجمعة يونيو 01, 2007 9:20 am



تنهض مي فزعة من نومها علي دوي جرس التليفون , تنتفض من مكانها مع انتفاضة قلبها بين ضلوعها , تتحسس الظلام حتى تصل لمفتاح النور , مع إضاءة المكان ترفع عينيها إلي الساعة بصورة آلية , لتجد عقرب الساعة الصغير يقترب من الرابعة صباحا ..

تهاجمها التكهنات حول من يتصل في هذه الساعة المتأخرة , أحست بالقلق علي زوجها الذي يبيت اليوم في العمل ضمن ورديته المسائية التي قد اعتادت عليها , هل يمكن أن يكون هو وقد أراد أن يخبرها بشئ هام , أم انه حدث له مكروه ؟

انتبهت من أفكارها وقد تبين لها أنها استغرقت في أفكارها ونسيت رنين التليفون الذي مازال يتردد أصداؤه في المكان , ترفع السماعة وقد أخذت في إصاخة السمع للتعرف علي ماهية هذا المتصل ..

الو
..

"
مدام مي "

"
ايوه"

أنا صديق أخيك مصطفي ..



أحست أن صوت نبضات قلبها قد علا علي همس المتكلم المرتجف الصوت..



انها تخشي ان تسأله ما حدث ...



فترة من الصمت الثقيل قطعها صوت المتكلم الذي بدا وكأنه يستجمع كل ما تبقي من شجاعته ..



"مصطفي في المستشفي..."



القي كلماته الأخيرة كمن يلقي قنبلة وهو يخشي ان ترتطم بجسده شظاياها ..



ثم تابع حديثه وقد تخلي عن تحفظه وقد اخذت كلماته تنهمركالسيل المنحدر , بينما كانت تشعر انها فقدت قدرتها علي الإدراك , اخذت في صعوبة تحاول تجميع كلماته المبعثرة في عقلها ....



"انه كان يقود السيارة في طريق القاهرة- الاسكندرية ..... وقد انقلبت به السيارة وهو الان يقبع في احدي مستشفيات
الإسكندرية بين الحياة والموت
.."



مضي اكثر من ربع ساعة لكي تتمكن من استيعاب ما حدث..



وما أن وضعت السماعة حتى أخذت أنفاسها تتلاحق كمن كان يبذل مجهود خارق , شعرت أن جسدها يخذلها , فارتمت علي المقعد بحركة لإرادية ...



الدموع تنساب من مقلتيها دون اي قدرة لها علي كبحها...



فجأة انتبهت فزعة , مع تبينها انها مازالت في مكانها مستسلمة لتلك الاحزان , بينما اخيها في امس الحاجة اليها...



مع إدراكها لتلك الحقيقة , استجمعت كل ما أوتيت من قوة , وقد بدأت تستعد للسفر .



السيارة تتهادي في الطريق الصحراوي , بينما هي تنظر عبر زجاج النافذة , وعيناها تحاول اختراق هذا
الظلام الدامس في الخارج وكأنها تبحث عن بصيص من النور يخفف غمامة الحزن تلك التي تعتصرها , ثم ما لبث ان اخذ شريط الذكريات يتدفق إلي عقلها بقوة , صور ومشاهد لأخيها تتراقص امام عينيها
...



عندما كان طفل رضيع وهي تلعب له حينئذ دور الأم رغم أنها لم تكن قد تجاوزت السادسة من عمرها وذلك بعد رحيل والدتها الي العالم الأخر وتزوج أبيها بآخري , لتتولي جدتها من والدتها مسئولية تربيتهما ..



وعندما كانت توبخه لعدم اهتمامه بمذاكرته ولعبه الكرة بالشارع...



وأخيرا وداعه لها هذا الصباح بصورة لم تعتادها منه , وهي تتذكر كيف أطال النظر إليها طويلا , قبل ان يخبرها بذهابه مع بعض أصدقائه لقضاء يومين في مدينة الإسكندرية , قبل تجهيز أوراقه للسفر للعمل في احد الدول الخليجية..





هل أخبرتي والدك بما حدث له ؟



انتبهت فجأة علي سؤال صديقتها والتي أصرت هي وزوجها علي اصطحابها في سيارتهم...



نبتت عن شفتيها ابتسامة باهتة تمتزج في حلقها بالمرارة دون ان تجيب عن سؤالها...



ثم ما لبثت أن تنهدت وكأنها تنفث عن مشاعر السخط التي زاد تأججها في صدرها ما حدث لأخيها , إن الأيام والسنين فشلت تماما في تحقيق التقارب مع والدهما بل أن الجفوة بينهما أخذت تتسع أكثر وأكثر...

إنها تتذكر كيف إنها عندما كانت طفلة صغيرة تتلعثم وتخطئ عند مناداته ب"بابا" , انها لم تكن تستشعر معناها في وجدانها , إنها كانت تشعر انها كلمة جوفاء لا تنبض بأي مشاعر طبيعية تحسها ابنة تجاه أبيها , ولم يكن أخيها بأفضل حال منها , بل علي العكس ..



فربما كانت هي اقدر علي كبت مشاعرها الحقيقية محاولة التظاهر بود مصطنع خاصة مع زوجة أبيها , لكن مصطفي رغم مشاعره المرهفة وطيبته الشديدة كان عندما يغضب يفقد القدرة علي الاستمرار في تلك المسرحية الهزلية من الود المصطنع والمجاملات المتملقة فينفجر بركان الألم المحبوس داخله في وجوه الجميع ...



مثل ذلك ما حدث عندما اخبرها بنجاحه في الشهادة الإعدادية , وانه سيذهب لأبيه ليفرحه بهذا الخبر , ثم كانت مفاجأتها عند عودته وقد ارتسمت علي وجه علامات الحزن والألم ولم تكد تسأله عما حدث حتى انفجر في ثورة يمتزج فيها البكاء بالغضب , وقد علمت منه بعد ذلك كيف استقبل والده خبر نجاحه بفتور شديد بل وطلب منه أن يلتحق بالثانوية الفنية بدلا من الثانوية العامة شديدة التكلفة مما جعله يثور في وجه أبيه متهما إياه بعدم العدالة مما كان سبب في صفع والده له مما اعتبره تطاول وقلة أدب منه...



هي دي المستشفي ...



اتنبهت مي علي صوت زوج صديقتها , وقد لاحظت توقف السيارة , بينما كان يشير الي احد الابنية ...



وما ان دلفت إلي المستشفي حتى أدهشها وجود والدها قرب حجرة العناية المركزة , لكنها لم تهتم بمعرفة من اخبره , إذ توجهت مباشرة إلي الممرضة لتسمح لها بالدخول لرؤية أخيها , لكن قوبل رجائها بالرفض , وقد أوضحت لها أن حالته لا تسمح..



اقبل عليها والدها , وبدأ في طرح عديد من الأسئلة ثم اتبعها ببعض عبارات اللوم لها ولأخيها .. !



وفجأة دوي صوت صفارة عالية جعلت الممرضة تصاب بالذعر وما لبثت ان دلفت الحجرة واتبعها عدد من الأطباء والممرضات ...



أحست مي بقلبها يثب من بين ضلوعها , أو انه يكاد يتوقف عن النبض..



مر الوقت كدهر وهي يقتلها القلق والحيرة لعدم معرفتها ما يحدث...



وهنا دوت في المكان صرخات ونحيب , وكان مصدر هذه الصرخات مجموعة من النسوة , أحست مي بالآسي من اجلهم وان أدركت الآن سبب تلك الصفارة...



في تلك اللحظة أتت الممرضة لتخبرهم أن مصطفي قد فتح عينيه , ثم أعقبت أنها ستسمح لواحد فقط بالدخول ..



لم تكد الممرضة تنهي كلامها حتى اندفعت الي داخل الحجرة دون حتى أن تنتظر رأي والدها...



كان يرقد علي احد الأسرة وقد أحاطت به الكثير من الأسلاك والأجهزة , ما ا ن رآها حتى انهمرت الدموع من عينيه فأسرعت لتجفيف دموعه , ثم حاولت ان تتصنع الدعابة لكي تجعله يبتسم ,لكته وجهه التي تغيرت ملامحه تماما , بدا وكأنه نسي كيف يبتسم , كانت في استماتة تحاول منع الدمعات التي باتت تترقرق في حدقتيها خشية ان تتحول لسيل من الدموع , ثم مالبثت ان انحنت علي يديه ثم جبينه لتقبيلهما , وما ان لامست جبينه حتي انفجر ينبوع الدموع لتغسل بها وجهه..



لكن في تلك اللحظة حضرت
الممرضة لكي تخبرها أن والده يصر علي الدخول وأنها يجب أن تخرج ليحل محلها , أحست
بالحيرة والتردد وان رقت لمشاعر والدها المتلهفة للاطمئنان علي ابنه , فخرجت وهي
تحاول تجفيف دموعها وقد لمحت قبل خروجها ملامح الألم والحزن والرجاء قد ارتسمت علي
وجه أخيها , وكأنه يرجوها الاتتركه
...



وما كادت تمر دقيقة علي خروجها ودخول والدها حتى علا صوت الصفارة الطويلة مرة أخري , لكن هذه المرة كانت تحمل في طياتها النبأالتي طالما كان يفزعها مجرد التفكير فيه , إنها لن تري أخيهامرة أخري ...



أحست ان الأرض تميد بها أو أنها تدور عكس دورانها , لقد اختل إحساسها بالزمان والمكان , لقد أحست أنها علي وشك السقوط وبدت تتلمس أي يد تتشبث بها , في تلك اللحظة وجدت ساعد إنسان يحول دونها والسقوط علي الارض ,لتفقد بعدها الوعي ..



لما افاقت اكتشفت ان ذلك الإنسان هو زوجها الذي حضر أخيرا وقد علم ما حدث , والتي ما أن نظرت في عينيه حتى أحست بالسكينة والطمأنينة حيث عينيه الغائمة بالدموع تضمها وتحنو عليها , وتخفف عتها بعض احزانها ..



لم يمضي وقت حتي اقبل والدها ثم ما لبث أن اسرع باحتضانها وقد بدأت حينئذ تسمع صوت نحيبه المكتوم , لقد كانت أول مرة تراه يبكي وأول مرة تشعر وهي في حضنه بدفء مشاعره ...



لكنها رغم كل هذا كانت تشعر بحاجز جليدي يمنعها من مبادلته نفس الشعور , كانت تسيطر عليها فكرة أن تناسيها كل هذه السنين من العذاب والألم والحرمان العاطفي التي تجرعتها هي وأخيها هي خيانة لذكري أخيها الذي لم يتلق من والده طوال حياته غير برودة المشاعر والكثير من الألم...



أحس والدها بمشاعرها تلك, فرفع وجهه وهو يحاول ان ينظر إلي عينيها كأنه يتلمس فيهما مشاعر البنوة التي أحس بافتقادها , لكنه صعق عندما وجد أن عيونها قد افتقدت أي مشاعر فصارت كعيون زجاجية قد مات فيها كل إحساس , ليدرك ان جبال الجليد التي تكونت عبر السنين من المستحيل أن تذيبها لحظات من دفء المشاعر ..



لتغادر مي المكان وهي تستند الي ساعد زوجها بينما ظل والدها بمفرده وحيدا..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جبال من الجليد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
THE FRIENDS ISLANDS :: الجزيرة الأدبية :: ..ركن المواهب الأدبية..-
انتقل الى: